المدينة التي أسير فيها لا تعرف الوسطاء. الكل يمضي نحو وجهته الغير معلومة ولا أحد يعرف لنفسه حال. الوجوه منتفخة والجميع يترقب في الطرقات وكأن النهاية معروفة مسبقا. لا توجد في المدينة تشبيهات ولا أوصاف. أنها خالية تماما من كل الأفكار الممكنة ولم يتبق فيها سوى أشكال وألوان من الأوهام….
في أحد الشتويات التي ضربت المدينة، قررت بأن على أن أكون كاتبا. عصف الأحساس بدون مقدمات كلحظة ضربت فيها الريح النافذة ودخل الشتاء للغرفة الصغيرة مبعثرا ما كان ساكنا. لم يجتاحني سبب ولم تراودني لحظة حلم ولم أكن أشعر بشئ سوى هاتف يدق على الباب وينبئني بأن على أن أكون…
لن يبقى الحلم حيث تركته، لقد تغير كثيرا.. أبتعد ربما أو أقترب. كل منا يعرف متاهاته في واقعه ويتقن أساليب ضياعه بها. أخر شئ تسطيع أن تتأمله هو نفسك. صورتك الحالية لن تقترب مهما حدقت بها. أغيب أمام وجهي في المرأة ولا أستطيع تحديد ملامحي بدقة، أنا فقط أرى الزمن!…
نحن لانروى سوى الأشياء التى نفهمها، أما ما لا نفهمه فيبقى معلقا في مكان ما بداخلنا لا يمر ولا يخرج. نحن لا نروى سوى أطراف القصة التى لا تريد أن تكشف أغوراها. نعدو خلف الكلمات في سباق أبدي فلا هي تسقطنا ولا نحن نرويها كما يجب أن تكون. لا يمل…
جوني ديب يدخن سيجارته بهدوء وهو يطالعني من خلفية شاشة الكمبيوتر. أغلق الشاشة مدفوعاً بمحاولتي الأخيرة للبقاء يقظا. الضوء الخافت يتسرب من ركن بعيد والأفكار المقيدة تتنازع في داخلي. أريد أن أتحرر. أندفعت نحو باب الشرفة ودفعته بقوة كمن يريد أن يتخلص من ماضي ثقيل ويطير. أنفتح على مصراعية ومضيت…