December 19, 2011 Yasser Ahmad 2Comment

أنا لا أنام بل أسقط. عندما يغلبني التعب أسقط وعندما أصحو أجد نفسي فى أماكن غريبة. مرة فى المقهى ومرة مسند الرأس على مكتبي ومرة فى حديقة بيت أمي ومرة فى السينما ومرة في منزل صديقي ومرة على مقعد المترو.

 أنا لا أنام بل أسقط كورقة شجر تهوي فى ظلام رياح ديسمبر البارد. الزمن يمضي وتدور عجلة الأيام وكل ما أبحث عنه يمضي مبتعدا. لم أكن أعلم أن تلك الحياة تشربني على مهل وأنا فى أوج قوتي. طيلة عدة أشهر كنت أحارب من أجل أن أصل إلى أول الطريق ولكني أكتشفت أن زلة قدم ستؤرجحنى فى الهواء فجاءة وسيتداعي طريق الصعود من تحتي فى لمحة بصر.

 أن تسقط من فوق ما صنعته أو أن تبقى؟ لا يعدو سوى مقامرة لا تعرف نتائجها. الأمل الذى كان يدفعك نحو الصعود لم يكن من صنعك فقط بل كان أيضا يحتوي على قدره الخاص به. تتحرك كل دوافعك نحو الأعلى ويبرق الأمل على طول الطريق وتتبعه وتصدقه ثم فى لحظة يتأرجح بك ويسقطك بضربة لم تراها وهى آتية نحوك.

 عندما أصحو من سقوطي أفكر فى البشر وأتعجب. كيف يكون لدينا كل تلك القدرة على توليد الأمل ليكبرفينا، فى نفس ذات الوقت الذى نولد فى داخله خيبته؟ كيف هكذا نولد الأمل واللا أمل ملتصقين ببعضهم البعض ونمضى بهم؟

 كيف نحمل فى داخلنا الأشياء ونقيضها ونقضي الوقت فى غمار تلك المقامرة بين ما كان منا وما كان علينا؟ تعلو قويا وتسقط ضعيفا وتتحدي نفسك وتهزم نفسك. أحيانا تصفع الظروف وأحيانا تصفعك، تصارعها فتقضي عليك أو تصنعك. عندما يخيب القدر ظنك أنت لا تنام، بل تسقط من الوعي إلى غياهب الظلام، وعندما تسيطر على وعيك أنت لا تسقط بل تجمع شتاتك لتعاود مواجهة قدرك.

 مابين النوم والسقوط أنت تقامر بكل شئ ولا شئ.

  ياسر أحمد

ديسمبر 2012

free_falling_1280x800

2 thoughts on “بلا نوم

Comments are closed.